الأحد، 18 ديسمبر 2011

قصة شهيد في التحرير


عاش في أسرة فقيرة يقضي نهاره في الدراسة وليله في العمل ليصرف على أمه الأرمله واخته الصغيرة, حاله كحال الكثيرين من أقرانه, حزين لما آلت إليه بلاده من فقر وجهل وفساد وتعصب, لكنه كان مملوء أملا ورجاء وعلى يقين أنه لابد أن تنصلح الأحوال يوما ما.

سمع من أحد اصدقاءه ليلة الـ 24 من يناير  أن شبابا عزموا أمرهم أن يتظاهروا غدا مطالبين باسقاط ذلك النظام الذي طالما أهان وأذل المصريين, وبالفعل خرج وشارك وهتف معهم بلسانه وقلبه. لكن عندما حل المساء هاجمتهم الشرطة في وسط ميدان التحرير وناله قدرا وافر من الضرب على ظهره حتى تورم.. لم يؤلمة الضرب بقدر ما ألمه قول الناس أنهم "شوية عيال".

مر يومان, وفي صباح الجمعة أخبر أمه أنه خارج اليوم أيضا ليطالب بالعيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لكل المصريين, فانقبض قبلها وصرخت فيه "لا يا ولدي, لا تذهب, إياك أن تذهب, وحياتك لا تذهب, أنت تعلم إني واختك ليس لنا في هذه الدنيا بعد الله إلاك" فهدأ من روعها وربت على كتفها وقال لها ألّا تخاف, فلن يرى إلا ما اراد له الله أن يرى .. وبعد أن هدأت قبّل اخته الصغيرة وخرج.

رأى يومها ما لم يره من قبل وما لم يتخيل أن يراه, شجاعة متناهية وعزيمة وإصرار وثبات كالجبال, وفي المقابل خسة ووضاعة منقطعة النظير. رأى بعينيه قناصا يعتلي إحدى الأبنية الشاهقة, ثم سمع صوت رصاصة تصفـّـر بجوار أذنه, ثم سقط رجل شيخ بجواره  واندفع الدم من رأسه كالنهر, حمله على ظهره وجري كالمجنون لا يعلم أن يذهب .. قد فارق الحياة.

وفي يوم الأربعاء الذي تلاه, وقف بجسده أعزلا, أما وحش بشري يمتطي جملا, فأصابت هراوة رأسه فسقط مغشيا عليه وكادت الخيول أن تمزق جسده الضعيف تمزيقا لولا تدخل أخرين لينقذوه.

ظل في الميدان وافقا, لأيام, لم يبرحه قط, رغم قرسة برد ليل الشتاء ظل واقفا, وهو يعلم جيدا أن الإعلام يقول أنه  يقبض 50 دولارا مقابل وقفته تلك, بيد أنه لا يعرف كم يساوي هذا الدولار أصلا, لم يمسكه أبدا بل ولم يره من الأساس .. ظل واقفا لأيام من أجل أناس يعلم جيدا أنهم يصدقون أنه يأكل الـ"كنتاكي" مقابل وقفته بينما في الحقيقة كان يسيل لعابه كلما مرة من أمام أحد تلك المطاعم لأن حافظة نقوده دائما خاوية.

وفي مساء الـحادي عشر من فبراير سمع ذلك الخبر الذي كان سيفقد حياته مرارا ليسمعه, ورقص قلبه في صدره طربا .. تلاه تدفق ملايين المصريين للميدان نزلوا ليحتفلوا معه, تذكر أن مئات فقط كانوا ههنا منذ ايام بينما تركوه هؤلاء الملايين يواجه الموت وحده, لكنه لم يحزن ولم يضطرب, بل ابتسم قال لنفسه "اللي فات مات" لنبدأ عهد جديد.. وقضى ليله كله في الغناء والرقص ينشد الأناشيد الوطنية وصعد على ظهر دبابة يحمل علم مصر وصافح أحد الجنود وقبّل رأسه ورفع بيده اليمنى شارة النصر وأخذ صورة تذكارية .. هكذا كما فعل الجميع.

* * *

مرّت الأيام .. شعلة حياة جديدة, بدأت تنطفيء, شعاع أمل جديد, أخذ يخفُت, كل يوم يمر ينخفض معه سقف أحلامه .. قال عيش, لكن الفقراء مازالوا لا يجدون العيش .. قال حرية, لكن مازالت الأفواه تُسد .. قال كرامة, لكنه يرى كيف تهان كرامة المصريين كل يوم, قال عدالة اجتماعية, لكن مازال الأغنياء يزدادون غنىً والفقراء فقرا.. ما هذا؟ هل ذاك هو ما كدت أفقد حياتي لأجله؟!

كلما فتح التلفاز أو ركب أوتوبيس سمع حديث عن تخوين وعمالة وتمويل .. مستحيل!! مستحيل أن يكون هؤلاء الرفقاء الذين بذلوا حياتهم من أجل بلادهم خونة أو عملاء .. كلما حدثت مصيبة أو إلتهبت فتنة في البلاد سمع "حرام عليكم خربتوا البلد"  .. لا! أنا لم أخرب البلد, لكن أحدا لم يسمعه. حتى القميص الذي اشتراه يحمل شعار 25 يناير, أصبح لا يخرجه من دولابه بعد أن كان يلبسه كل يوم مزهوا به بين أصدقاءه.

عراك سفسطائي عقيم عن دولة دينية أم مدنية, تخويف وإرهاب وجهل يملأ الأجواء .. تعصب واستقطاب سياسي وديني بين مريدي التيارات المختلفة .. وهو لا يعرف أي شيء عنها, كل ما يعرفه أنه يريد أن يعيش بكرامة كما يعيش البشر.


* * *

سمع أن الشرطة عادت تمارس ما اعتادت أن تمارسه منذ زمان, لقد اعتدت على مصابين الثورة المعتصمين في الميدان وضربت منهم من ضربت واعتقلت من اعتقلت, ازداد غضبه وحنقه وذهب فورا للتحرير, كان يريد أن يقف في الصفوف الأولى في شارع محمد ممحمود بين هؤلاء الذين يفقدون أعينهم لكن مهمته كانت حمل المصابين للمستشفى الميداني, يحمل أحدهم ويجري به نحو المستشفى ليتلقى الإسعاف, ثم يذهب ويحضر آخر وآخر, ظل ثلاثة أيام يفعل هكذا, لم يرتح ساعة واحدة لأنه شعر أنه لو تأخر دقيقة سوف يكون مقصر في حق هؤلاء الأبطال.. لكن عينيه ذرفت دما بدل الدموع عندما رأى مذيعة نشرة الأخبار تعلق على صورته في أحد المشاهد وتقول أنظروا إلى ثيابه البالية هذا ليس ثائرا بل بلطجي.

وفي يوما ما, بينما هو في التحرير في الصباح يستنشق هواء الحرية الذي لم يعد قادرا أن يستنشقه في أي مكان آخر, رأى جنود من الجيش يقتحمون الميدان من ناحية شارع القصر العيني, تجري أمامهم فتاة,تعثرت قدماها وسقطـت, فتجمع حولها الجنود ومزقوا ملابسها وركلها أحدهم بقدمه في صدرها, فاستشاط غضبه واندفع نحوها بكل قوة وعزم أن ينقذها من أنيابهم مهما كلفه الأمر, فرفع أحد الجنود نحوه سلاحه وأطلق رصاصة نحو صدره, سمع دويها, وفي لمح البصر, تلاقت عيناه مع عيني ذلك الجندي .. نعم! إنه هو! هو, لن ينساه أبدا ..هو ذلك الجندي الذي إلتقط معه الصورة التذكارية فوق الدبابة منذ عشرة أشهر, ورفع معه شارة النصر وهتف معه الجيش والشعب إيد واحدة ...

مرت حياته كلها أمام عينيه كشريط, تذكر ضحكة أبيه الحانية الذي توفاه الله وهو في التاسعة من عمره,تذكر حضن أمه الدافيء ودعواتها له بالنجاح وطول العمر عندما حصل على الشهادة الثانوية, تذكر زهرة اخته الصغيرة وهي تطلب منه الحلوى وهو عائد للبيت في المساء, تذكر أصدقاءه وجيرانه وبيته ومدرسته وطفولته بأدق تفاصيلها, تذكر كل شيء كل شيء, وفي لحظة اختارها القدر بعناية نفذت رصاصة الغدر في وسط قلبه وخرجت من ظهره تحمل معها أمانيه وأحلامه إلى المجهول.

وبقي جثمانه لعدة أيام في مشرحة زينهم لم يتعرف عليه أحد لكنه رسم على وجهه إبتسامه هادئه تريح كل من ينظر إليه وتخبره أن النصر قادمٌ قادمٌ لا محالة.


إن قرأت تلك السطور تذكر كل من قدم حياته لم يحسبها ثمينة لكي نعيش نحن حياة كريمة, واغمض عينيك لثوانٍ وأدعو من قلبك لكل شهيد بالرحمة ولأهله بالعزاء.



الجمعة، 9 ديسمبر 2011

مش عشان شعب متدين


قالك احنا شعب متدين
يعني ايه شعب متدين؟
يعني بيحب الدين
يعني ايه بيحب الدين؟
يعني بيديّن كل حاجة.
كل حاجة؟
آه كل حاجة, بنديّن الأكل والشرب واللبس والسلامات وصباح الخير ومبروك وباي باي ومؤخرا, البكيني!.
طب وده حلو ولا وحش؟
هو نفسه لا حلو ولا وحش, العبرة بالنتيجة, هيخلينا محترمين ونشتغل بأمانة وعندنا اخلاق يبقى أهلا وسهلا وعلى راسنا من فوق, هيخلينا منافقين ومتعصبين يبقى ملهوش لزمة واهو بنمثل على بعض وكل واحد مبسوط بدماغه وكل عام وأنتم بخير.
مش بس بنديّن الحاجات ديه, احنا كمان بندين مشاكل وأمراض المجتمع .. وعلى سبيل المثال لا الحصر:

* * *

عشان احنا شعب متدين, مش بنحب نسمع كلمة نقد في حق رمز ديني, يعني لو واحد مسيحي متدين مش بيستحمل يسمع كلمة نقد واحدة في حق البابا أو حد من الاساقفة ولو واحد مسلم متدين بيعتبر نقد احد الشيوخ نقد للدين, مع إن كلنا بشر وكلنا بنغلط وكلنا محتاجين للنقد عشان نقوّم من سلوكنا وأفكارنا.

بس عايز أقول لحضرتك ان احنا مش بنعمل كده عشان شعب متدين, لكن عشان ده مرض نفسي في مجتمعنا.

مرض اسمه "تأليه القادة", وممكن نفتي كتير في اسبابه بس أنا مليش مزاج افتي دلوقتي (هوم ورك 1), بس أعراضه ان الواحد يعمل "مودل" من قائده وينزهه من كل عيب ونقص, ويدافع عن خطأه حتى لو كان الغلط ده واضح زي الشمس.

يعني لو جيت مثلا تقول الاسقف الفلاني غلط لما قابل المجلس العسكري بعد احداث ماسبيرو تلاقي نظرات الاحتقار جيالك منين ومنين ومنين ولو تجرأت وقلت الشيخ علان غلط لما قال التماثيل حرام مش هتعرف تلاحق عالشتيمة.

فيه ناس مثلا كانت بتؤيد مبارك (وده حقهم طبعا), تقولهم يا ناس ده حرامي, مفيش, يا عالم ده خرب البلد, ماتحاولش, ياهووه ده قتل الشباب, انسى, طب كاني طب ماني, كأنك بتدن في مالطة .. ونفس القصة مع المجلس العسكري, يخوّن, يدهس, يقتل, يخنق, يكدب برضه هو حبيبنا وخط أحمر واللي ينتقده يبقى عميل إسرائيل وإيران وأمريكا وصربيا وموزمبيق في نفس ذات الوقت.

* * *

وعشان احنا شعب متدين, فتلاقي المسلم المتدين خايف جدا على هوية الدولة الإسلامية لحسن حد يغيرها, وقلقان موت لحسن الليبراليين يخلعوا الستات الحجاب, وتلاقي المسيحي المتدين خايف للإخوان يمسكوا البلد فيقفلوا الكنايس أو السلفيين يسيطروا على البرلمان فيسفروه كندا.

بس الخبر السعيد اللي عايز  اقوله لحضرتك ده مش سببه ان احنا شعب متدين ولا حاجة, لكن ده مرض نفسي في مجتمعنا.

مرض نفسي اسمه "الخوف من كل شيء ومن لا شيء", أعراضه إن لو حد قالك بخ بتخاف وتقعد 3 ليالي مش عارف تنام. أما أسبابه هي ان احنا اتربينا على الخوف:
وانت نونو كنت بتشرب اللبن وتنام بدري عشان ابو رجل مسلوخة مايشوفكش صاحي, وانت في ابتدائي عملت الواجب عشان المس بتضرب, وانت في الجامعة حضرت المحاضرة عشان الدكتور بياخد غايب .. وعشان كده واحنا كبار أهو وحلويين برضة اللي عايزنا نعمل حاجة بيخوفنا واللي عايزينا ما نعملش حاجة برضة بيخوفنا...

الحقوااا عجلت الانتاج وقفت. خوف. الاقتصاد بينهاااار. خوف. بلطجية ع الدائري. خوف. قانون طواريء. خوف. هيشيلوا المادة التانية في الدستور. خوف. جمعة الوقيعة. خوف. هتدفع 500 جنيه غرامة. خوف. يد خفية. خوف. اصابع خارجية. خوف. زعزعة الاستقرار. خوف. سيناريو تقسيم مصر. خوف. وأخيرا مع اللمسة العوكاشية, الماسون الأعظم. برضة خوف.
الحقيقة المرة انهم بيخوفونا عشان احنا خوافين وبنخاف.

السؤال المحوري بقى, اشمعنى هي ديه الطريقة اللي متعارف عليها في المجتمع عشان يسوقوا الناس؟ .. الموضوع ده طويل طويل طويل ومش هتكلم فيه وده هيكون (هوم ورك 2).

* * *

وعشان احنا شعب متدين وبيحب الطهارة والعفة والنقاوة مش بنحب الحال المايل, وعشان كده كلنا استفزنا ان علياء تتصور عريانة (معلش انسى ان صورتها اتشافت 2,000,000 مرة في 3 ايام, الوحشيين هم اللي شافوها مش احنا بعد الشر). و عشان احنا شعب متدين عايزين نمنع الأفلام الإباحية, وعشان احنا شعب متدين عايزين نحشم البنات وعايزين محدش ياكل في الصيام  وكل الناس تصلي.

في المجتمع المتدين, الانسان المتدين بيكون عاوز يفرض مجموعة من الفضايل, تقع في ما يُسمى "الدايرة الهمايونية" (أنا اللي افتكست الاسم) , كل ما في داخلها يُفرض, وكل ما هو خارجها يُهمل, فضايل جوة الدايرة زي العفة, لازم الشعب يبقى عفيف, و زي الطاعة, لازم كل واحد يسمع الكلام ويقول حاضر, في نفس الوقت تلاقيه بيهمل الفضائل اللي برة الدايرة, فالكدب عادي والنفاق شغال وظن السوء مايضرش وأحيانا هو نفسه يمارسها في أفج صورها.

بس الخبر المحبـط اللي عايز اقوله لحضرتك, ان احنا مش بنعمل كده عشان شعب متدين, أبسوليوتلي, لكن ده مرض نفسي في مجتمعنا.

مرض نفسي اسمه "فرض الفضيلة بالعافية",أعراضه واضحه, انك تلاقي واحد شايف حاجة معينة في دماغه انها الصح أو الأحسن فتلاقيه عايز كل الناس تعملها غصب عنها.

المجتمع فور إكزامبل مثلا على سبيل المثال وضع لينا "فضيلة", اسمها كلية طب, تقابل خطيئة اسمها كلية زراعة, فعشان كده تلاقي كل أب و أم عايزيين ابنهم يتحلى بتلك الفضيلة ويطلع دكتور, فيجي الأب قبل ثانوية عامة يشيل التلفزيون من الصالة ويدخلوا الأوضة عشان الولد يذاكر (بالعافية), وقبل الامتحان يحكم على ابنه انه مايقومش من ع الكتاب.. فتلاقي الواد حاطط قصة أدهم صبري وسط الكتاب طول اليوم, وطبعا مش هيحصّل طب وهيدخل زراعة وهيفشل في زراعة لأنه أساسا كان عايز يطلع رسام.

فرض المذاكرة مش هيطلع ولد ناجح. ولا ضرب العيال في التحرير هيمشيهم. ولا حجب المواقع الإباحية هيمنع الأباحة, ولا تحشيم البنات بالعافية هيمنع قلة الأدب.

والسؤال اللي بيطرح نفسه: ليه الأب بدل ما يشيل التلفزيون ما يقنعش ابنه بأهمية المذاكرة؟ ليه بدل ما تضرب عيال التحرير تشوفهم عايزين ايه؟ ليه بدل ما تحجب المواقع الإباحية ما تعرفش الشباب ضررها؟ ليه بدل ما تحشم البنت بالعافية تعلمها الاحترام وهي هتحتشم من نفسها؟

ممكن يكون ضعف قدرة على الإقناع. وممكن يكون استسهال اسخدام السلطة والقوة. وممكن يكون تدني عام في مستوى الثقافة. وممكن وممكن وممكن برضة تعتبر الإجابة (هوم ورك 3).

* * *

دول بس كانوا 3 أمثلة, لو اتأملت هتلاقي مشاكل كتير أوي عندنا وأمراض مستفحلة جوانا, لكن صبغها بالصبغة الدينية بيقف حائل قدامنا في طريق حلها.

مش هدفي اني اسخر من المجتمع ولا تدينه لكن الاعتراف بالمشاكل ومواجهتها اول خطوة عملية لحلها.


الاثنين، 24 أكتوبر 2011

الأقباط .. مجتمع موازٍ




لن ينتهي التمييز الديني في مصر وما يترتب عليه من أحداث عنف طائفي إلا إذا فعلنا أمرين:
أولهما نتيجته قصيرة الأمد وثانيهما نتيجته طويل الأمد.

أما الأول فهو أن يتحلى المسلمون المعتدلون بالشجاعة الكافية للرفض العلني لكل تمييز على أساس ديني وجرائم ترتكب باسم الدين ضد الأقباط.

أما الثاني فهو أن يخرج الأقباط من عزلتهم ويندمجوا أكثر في المجتمع كمواطنين وليس كمسيحيين, وهذا هو موضوعي الآن.


أسباب تاريخية مقترحة لإنعزال الأقباط:

يرجع البعض أسباب هذا الانعزال إلى الخلاف السياسي الذي نشب بين مصطفى النحاس ومكرم عبيد وما ترتب عليه من خروج مكرم عبيد كرمز لانخراط (مع الاعتذار للعصار) الأقباط في الحياة السياسية المصرية من المشهد الوطني.

والبعض يرجعه إلى السياسة التي تبناها الراحل السادات عندما فتح الباب واسعا أمام تيارات الإسلام السياسي ليحارب اليساريين وأضاف لأنوره محمدا ودعا نفسه "رئيسا مؤمنا" وقال مقولته أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة يسكنها الأقباط إلخ.

وبالبعض يرجعه لما قبل هذا والبعض لما بعد هذا, لكن حيث أنه لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب فضلت أن أبحث عن الأسباب الحالية وأبعادها ونتائجها.


هل الأقباط فعلا منعزلون عن المجتمع أم هي مجرد إفتراءة؟ (دلائل الانعزال)

في القراءة العابرة للمشهد المصري قد يبدو أن الأقباط غير معزولين (أو عازلين أنفسهم) عن المجتمع, فكل المصريين يسكنون مع بعضهم البعض, يتحدثون نفس اللغة بل واللكنة, كل المصريين يعيشون ويتعايشون ويتزاملون ويئنون ويتمتعون بنفس الحقوق ومطالبون بنفس الواجبات بموجب القانون اللهم إلا ضعف تمثيلهم في المجالس والحكومة .. لكن المدقق, يرى أن الأقباط يعيشون في جزائرهم المنعزلة عن المجتمع على المستوى الفردي والعام.

الأقباط في مصر على اختلاف مذاهبهم (كاثوليك وأرثوذكس وبروتستانت) خلقوا لأنفسهم مجتمعا موازيا, مركزه الكنيسة, لا يربط الفرد فيه بالمجتمع الأكبر إلا ما لا بد منه.

فما أن يولد وينمو حتى يتعلم حسن الأخلاق بجانب تعاليم الدين في فصول التربية الكنيسة, ويختار أصدقاءه المقربين من "أبناء الكنيسة", وليطمئن عليه والداه يرسلاه إلى نادي الكنيسة, ورحلته السنوية الصيفية يخرجها مع مؤتمر الكنيسة, ونشاطه الاجتماعي يترعرع في اجتماع الكنيسة, ويحصل على عمل من معارف الكنيسة,  ثم يختار خطيبته ممن عرفهم في الكنيسة, وإذا سكن مغتربا اختار بيت الكنيسة, وإذا فكر في الهجرة بحث عن وسطاء في الكنيسة, .. والانعازل لا يتوقف هكذا على مجرد تقاليد أو ممارسات, لكن - شأنه شأن كثير من أمور مجتمعنا- يُلبس ثوب القداسة, حتى أن من لا ينهج هذا النهج يُحكم عليه بأن العالم قد أخذه أو غافل عن روحياته.


كيف يتم تبرير هذا الانعزال؟

عذاب حرق النار أهون كثيرا من عذاب تأنيب الضمير, ولذلك تجد المجرمين دائما ما يبتدعون أسبابا تبرر لأنفسهم جرائمهم. وهذا هو حال كل مقصر أو قليل الحيلة, يخلق لنفسه منظومة من المبررات التي تبرر تقصيره أو تخفف من احساسه بسلبيته وقلة حيلته.

ثقافة فهم الدين في مصر تغيرت, ففضّلت قيم التواكل عن العمل, رفعت من شأن الاعتمادية على البدء فورا بالقيام بالواجب, ثقافة تبرر إلقاء المسؤولية عن الأكتاف وانتظار أن يبعث الله أخرا ليحملها.

يتذكر الأقباط جيدا جدا أنه "ليس الزارع شيئا ولا الساقي لكن الله الذي ينمي" ويتناسون أن الله لن ينمي إن لم يزرعوا هم أولا ويسقوا بأيديهم. يتاملون كثيرا قول الإنجيل "إلق على الرب همّك" و "لا تهتموا بالغد" ولا يلتفتون أن الإنجيل لم يقل مرة "ألق على الرب مسؤوليتك!".

وفي مثل هذا الجو الثقافي تبرز أقوال عامة مثل "ربنا يحلها" و"بكرة تفرج" و"خليها على الله" وغيرها من عبارات الحق التي يراد بها باطل .. فالله لن يحلها أو يفرجها إن لم تتحمل أنت مسؤولتيك كاملة.


ما هي نتائج انعزال الأقباط عن المجتمع؟

كما ألوم المرأة على قبولها لتهميش المجتمع لها والحط من قدرها وقدراتها, هكذا ألوم الأقباط أولا إذا تكلمت عن التمييز الديني ضدهم, فإن لم يسع المظلوم جاهدا  ليطالب بحقه ويرفع الظلم عنه فلا يلوم إلا نفسه.

في أحداث ماسبيرو الأخيرة والمذبحة التي راح ضحيتها عشرات القتلى من الأقباط, أحزنني كثيرا لا مبالاة المجتمع وتجاهله لتلك الجريمة البشعة التي تطعن قلب كل من يدعو نفسه إنسانا, أحزنتني, لكنها لم تدهشني. فتلك الّا مبالاه, بل ومسلسل الاعتداء الهمجي على الكنائس الذي بات حقا سخيفا, ليست وليدة اللحظة. لكنها نتيجة متوقعه لهوّة تفصل بين مسلمي المجتمع وأقباطه.

الآن لا يجد المسلم العادي صعوبة أن يصدق ما قيل له أن هناك أسلحة مخبأة في الكنائس. أو أن يردد ما سمعه أن الكنيسة تحبس وتعذب (وتطلق الأسود أحيانا!) بل وتقتل من يريد اعتناق الإسلام. وقد قال ليه مرة أحد أصدقائي حاصل على بكالريوس هندسة  أنه على يقين أن المسيحين يطفئون الأنوار في الكنائس ليقبل رجالهم نسائهم ثم ينصرفوا لشرب الخمر!! .. شخص كهذا من البديهي جدا أن يصدق قول شيخ أن الأقباط يسحرون ويشعوذون في كنائسهم.

لكنّي في كل هذا لا ألومهم بقدر ما ألوم المسيحيين أنفسهم. فهم أنعزلوا عن المجتمع و انعزلوا ثم انعزلوا وأمعنوا في الانعزال حتى اصبحوا بمثابة صندوق أسود لا يعلم المسلم العادي ما يدور داخله. مثل قصر قديم في قلب المدينة, لم يخرج منه ساكنيه منذ عشرات السنين , فقيلت فيه الأقاويل وخلقت حوله الأساطير.

السبت، 22 أكتوبر 2011

آه لو كنت




آه لو كنت شاعرا, لأطلقت لقلمي العنان ليجود بكل ما يجول داخلي, لا تعوقه مفردات ولا يعوز أسلوبه جمالا ولا تعابيره سحرا. يُنظِم كاللآليء الكلمات. أتكلمُ, فأقول ما أريد ولا يعجز لساني التشبيه.

وآه لو كنت موسيقارا, لأسمعتكم بآلتي عجب العجاب, وعزفت لحنا لم يعزفه أحدا قبلي, وحوّلت كل مشاعر قلبي لألحان.. أغني فرحا فأُفرح, أو شجنا فأ ُبكي, أو حماسة فأ ُشعل الناس نارا أو هدوء وسكينة فيهدأون ويطمئنون.

وآه لو كنت رساما, لأبدعتُ بريشتي عالما آخر, بألوانٍ أختارها, زاهية تارة وباهتة تارة كما يحلو لي, ولكنت رسمت كونا بلا حدود, ولسوف لا ألتزم بقوانين, فأجعل البحار تغني والأشجار تقفز وتمرح والإنسان يطير.

وآه لو كنت أطير, لتركت الأرض حالا وانطلقت عاليا عاليا نحو السماء, حاملا نفسي على نسائم الريح, أداعب بجناحي السحاب. وأنظر للأرض الصغيرة تحتي, تتضائل وتتضائل, ثم أضحك على عمرٍ قضيته هناك, حين كنت أعيش في سجنٍ أدعوه مدينة, بين أسوار عالية أدعوها مبانٍ ومنشآت, ومتسلطون عليها أدعوهم حكام, أغلال وقيود حول الأعناق أدعوها تقليد وقانون.
...

ثم عدت ونظرت من خارج نفسي على نفسي, فوجدتني جالسا بين جدران حجرتي, على مكتبي كما يجلس ملايين وملايين غيري, ماسكا قلمي وأكتب : آه لو كنت.

الخميس، 13 أكتوبر 2011

رثاء وطن



كظباء ظمآنة في صحارٍ جرداء, بحثتُ عن رحمةٍ في قلوب البشر .. قلوبٌ لحمية ٌ أضحت حجر .. آهٌ واحدةٌ, من بين آلافِ, تفلقُ الأحجارَ وتشقُ الجبالَ, لم تترك داخلهم أثر.. أناسٌ, منزوعي الإنسانية, أو وحوشٌ تنكرت في أشكال ناس .. عيونٌ عمياءٌ, أعماها التعصُب, وكم مِن عُميانٍ عنهم مبصرين .. مسوخٌ, تلبس أقنعة, تخفي خلفها كراهية وبغض وكل بلاء.

صدورٌ تجيش فيها بحار الحَنَق, عقولٌ تراكم عليها تلال الصدأ .. أيادي تسرع لسفك الدماء, وأرجل سريعةٌ للهـرب .. آذانٌ لا تسمع إلا تعصُب, أنوفٌ شهيقها وزفيرها تعصُب, ألسنة لا تنطق إلا تعصُّب تعصُّب تعصُّب.

أصرخُ فيك أنتَ, نعم, أنتَ, لا تتلفت حولَك .. أصرُخُ علّك تقوم من سُبات موتِك .. علّ تنتفض العظام مرة أخرى, وتدُب فيها الحياة من جديد .. رائحة نتانة الموتِ ملأت الأجواء .. قبورٌ مفتوحةٌ, وموتى يسيرون, يَّدعون الحياة .. قف للحظة, وانظر مرة ً في مرآةٍ .. ألا ترى كيف يداك ملطخة بالدماء؟ ألا ترى كيف جسدك مُغطـَّى بوحلٍ دفنتُ فيه نفسـِك لزمانٍ وزمان؟

يولدُ الناسُ, يحيون, ثم يموتون, لكن ما حدث من أيامٍ كان فاجعة .. كان صوتَ ناقوس الخطرِ .. كان رايــة سوداء عُلِقــَـت فوق صورة وطن .. يومَ أن دهَـسَت مجنزراتُ جسد وطن .. يومَ أن تناثرت أشلاء وطنٍ على الأسفلت .. لستُ أرثي الموتى فهم في رحمة الله, لكنّي بحزنٍ عميقٍ أرثي الأحياءَ .. الأحياءُ الذين لم تتحرك مشاعرهم لقلبٍ مكلوم .. الأحياءُ الذين منعهم تعصُبهم الأعمى عن طلب الرحمة للموتى .. الأحياءُ الذين أغمضوا عيونهم كأنهم لم يبصروا, وسدّوا آذانهم كأنهم لم يسمعوا .. الأحياءُ الذين فشلوا أن يُثبتوا إنسانيتهم يومَ الإختبار.

هل يقبل الله في جِنانه غلاظ القلوب؟ .. هل يرحم الله من لا يرحمون؟ .. هل يُشفق الله على من لا يُشفقون؟
رُحماك يا رب رُحماك .. تأنّى علينا الآن, فهي غُمّة, وبإذنك سوف تزول.


الجمعة، 7 أكتوبر 2011

لماذا يتقاعس المجتمع عن إدانة العنف ضد الأقباط؟



لا يدهشني عزوف كثيرين عن إبداء أراءهم جهارا في الأمور السياسية, فهناك من يخاف ومن يجهل ومن لا يهتم, فالمشاركة السياسية ليست فرض عين على كل فرد في المجتمع. لكن ما يدهشني هو الصمت المخزي, الذي يحط على الرؤوس إذا ما تعرض المسيحيون لأحداث عنف طائفي, فهذا الأمر ليس سياسيا بل دينيا, فعندما تهاجِم جماعة, باسم الدين, كنيسة, نكون أمام حادث ديني بحت, أو قل طائفي. ونحن شعب – هكذا نروج لأنفسنا – متدين. لماذا إذا الصمت؟

بالطبع يوجد متطرفون, وأي مجتمع يخلو منهم؟!, فهم ليسوا لعنة اختصتنا بها السماء. وفي محاولتي المتواضعة لفهم أسباب ذلك الصمت المشين من غير المتطرفين, استعنت بمنحنى "جاوس" الجرسي لبيان التوزيع الطبيعي لأي عينة عشوائية.
ورسمت مقياس التطرف على المحور الأفقي وأعداد الناس على الرأسي, وقسّمت المجتمع إلى 4 قطاعات حسب درجة التطرف, إرهابي ومتعصب وعادي ومعتدل.


هذا كان التوزيع الطبيعي, لكن المنحنى قد ينحرف انحرافا سلبيا لليمين أو إيجابيا لليسار, إذا ما أثرت على طبيعة التوزيع مؤثرات أخرى. وفي حالتنا في مصر, وتحت تأثير الجهل, والفقر, والفساد, والتمييز, والإحباط, وضعف الدولة, وغياب القانون, ورجال الدين المتطرفين, والقنوات الفضائية التي تبث سموم الكراهية,  انحرف المنحنى كثيرا سلبا, فصار المعتدل عادي, والعادي متعصب, والمتعصب إرهابي.



القطاع الأول "الإرهابي" - أعدادهم زادت نتيجة للمؤثرات السابقة, لكهم مازالوا أقلية.
من هو الشخص الإرهابي؟
هو ذاك الذي امتلأ قبله وعقله بكل كراهية وبغضة تجاه من يخالفه الدين, ومستعد أن يترجم كراهيته دائما لأفعال, بداخله بركان غضب متأهب, من السهل جدا استثارته, يملك مفاتيح الجنة وجهنم, لا يتردد أن يصنف الناس كافرا و مؤمنا حسبما يتراءى له, دائما على صواب, احتمال أن يدرك خطأه يكاد يكون غير وارد. إذا سألته عن رأيه في حرق كنيسة, أجابك في فخر "قد نالوا ما يستحقون, جزاءهم من جنس عملهم, قد استباحوا نسائنا, وعبدوا صلبانهم على أرضنا" إلى أخرها من المبررات التي يستحل بها لنفسه جرائمه ويبقى بها على وقود آتون الكراهية المتأجج داخله.


القطاع الثاني "المتعصب" – أعدادهم زادت بشدة, لكنهم ليسوا أغلبية.
من هو الشخص المتعصب؟
يشبه إلى حد بعيد الإرهابي, لكنه لم يصل لمرحلة تحويل مشاعره إلى أفعال, لديه دائما قناعة أن عرقه هو الأرقى, ودينه الأسمى وعشيرته الأعلى ومذهبه الأتقى. شخص يَصعُب التعامل معه, المساواه عنده مقبوله قولا ومرفوضه فعلا, فقد خلقه الله أفضل من بقية البشر. إذا سألته عن رأيه في حرق كنيسة, أجابك أنه لا يعترض وإن كان لن يفعلها .. ما حدث قد حدث.


القطاع الثالث "العادي" - أعدادهم نقصت نتيجة اتساع رقعة التطرف, لكنهم مازالوا أغلبية.
من هو الشخص العادي؟
هو المواطن العادي أو قل الكنباوي, هو أنا وأنت, لا يملك أحكاما مسبقة تجاه العنف الطائفي, لا يحرك الأحداث بقدر ما تحركه الأحداث. إن جلس مع مؤيدين أيّد معهم, وإن ناقش رافضين رفض معهم, لا يُصرِّح برأيه إلا إذا سؤل صراحة, وعادة ما يختار الحلول الوسطى. وإن لم يُسأل, يؤثر الصمت.
قد يؤثِر الصمت, لأنه يخشى مواجهة أحد المتعصبين الذي سوف يتهمه بضعف موقفه عن نصرة دينه. وقد يؤثر الصمت لأنه يخشى أن يجانب الصواب ويصدر حكما خاطئا. مثل هذا تجنب كثيرا أن يصف بن لادن مثلا أنه إرهابي رغم أنه اعترف (صادقا أو كاذبا) أنه قتل الآلاف بدون ذنب, فهو يخشى أن يصدر حكما كهذا, فلعل ذاك المعتدي صدق النية لكن أخطأ الوسيلة.
إذا سالته عن رأيه في الاعتداء أو حرق كنيسة, تردد قليلا ثم قال الأقباط أيضا قد أخطأوا, محاولا أن يرر خطأ المعتدين بخطأ المعتدى عليهم, وقد يستتبع ويحاول أن يلتمس أعذارا للمعتدين مثل أنهم قد استفِذوا, وما كان هجومهم إلا ردة فعل.
وإذا عاتبه ضميره الإنساني عن تقصيره في إدانة الاعتداء, سانده لسان حاله وسأله: لو عكست الأيه هل كان الأقباط سوف يدينون الإعتداء على المسجد؟ بالطبع لا, فلماذا أقف في صفهم إذا؟!
يرى أن أولئك الأقباط الغاضبون لم يغضبوا لحق (وإن كانوا يملكونه), بل لبني دينهم, فلا يوجد إذا مبرر من الانحاز لهم.
وهكذا يقود نفسه في فلسفته الفردية حتى يشعر نفسه بسلامة موقفه وحكمة تصرفه.


القطاع الرابع "المعتدل" – أعدادهم نقصت بشدة, لكنهم مازالوا بيننا
من هو المعتدل؟
هو ذاك الشخص الذي لديه القدرة على الحكم على الفعل دون النظر إلى هوية الفاعلين, يتمتع باستقلالية ذاتية, لا يخشى إبداء رأيه وإن هاجمه المتعصبون وهدده الإرهابيون, يقيّم الأمور كما يراها وليس كما يريد أن يراها.


* * *


قالوا أن الساكت عن الحق شيطان أخرس, وأنه تكفي سلبية الأخيار حتى يسطو الشر.

أو كما صاغها إينشتاين: الذين يتسامحون مع الشر هم أخطر على العالم من أولئك الذين بالفعل يرتكبونه.

أزعم أنه لو اجتمعت القوى العالمانية والصهيونية والماسونية والإمبريالية والكنفشيوسية العالمية على هدف واحد وهو إيذاء دينا وتشويه صورته لما نجحوا بقدر ما ينجح صمت متّبعيه على حماقات وجرائم ترتكب باسم الدين في وضح النهار ... وكل صامت, ملوم.
اللهم قد بلغت.

السبت، 10 سبتمبر 2011

ليه أنا ضد اقتحام السفارة



أمن الدولة زفت وإسرائيل زفتين. بس أنا كنت مع اقتحام أمن الدولة وضد اقتحام سفارة إسرائيل.
مش هحكي في نقط جدلية, عارف إسرائيل قتلت جنود, وعارف ان موقف المجلس والحكومة كان متخاذل و خيب أملنا, وهل إذا ده كان هدفنا من يوم الجمعة و و  إلى أخره.

- أمن الدولة كان معاهم سلاح وبيحموا نفسهم, لكن سفير إسرائيل ماكنش ماسك أر بي جي في البلكونة, إذن احنا هاجمنا مقر أعزل.
عند ولاد البلد,حتى لو حد قتل ابني ودخل بيتي بديله الأمان, مش عشان هو كويس لكن عشان في بيتي.
من أخلاق الفرسان, ألا تحارب من لا يحمل سيف, وإلا تكون قتلته غدر.

- احنا مننا فينا بنهزء بعض براحتنا, هاجمنا أمن الدولة, ولعنا في كنيسة, خلعنا رئيس, جبنا رئيس, زورنا انتخابات, أهو اسمه شأن داخلي و اللي بتكلم كنا بنحط الجزمة في بقة ونقوله ملكش دعوة ده شأن داخلي, لكن دلوقتي إسرائيل اتكلمت, أمريكا اتكلمت, روسيا اتكلمت, ويا عالم مين تاني هيتكلم ومنقدرش نقول بم لحد لأن اقتحام السفارة مش شأن داخلي.

- رئيس حبناه أو خلعنا اسمه رئيس مصر, مجلس عسكري عايزينه ولا مش عايزينه اسمه  مجلس مصر, حكومة ليها لزمة ولا ملهاش اسمها حكومة مصر, شرطة بتحمي الشعب أو النظام في الأخر اسمها شرطة مصر, شعب عاقل أو مجنون برضه شعب مصر .. السفارة كانت على أرض مصر, بتحميها "مصر" , لما يهاجمها مصريين يبقى عار على "مصر" بصرف النظر مين فينا للي غلطان.

- لما يكون حد في بيتي ويغلط فيّ, مش بضربه في بيتي ولا بقتله, لكن أول خطوة هي "اطلع برة بيتي يا كلب" عشان كده اللي عملته تركيا هو عين العقل لكن اللي احنا عملناه لا فيه عين ولا فيه عقل.

* * *

اللي بيعترض على اقتحام السفارة بيتهاجم بنقط معينة هي :
- ما اتحمقتوش يعني لما إسرائيل قتلت جنودنا على الحدود.
      الرد: مش هرد على النقطة ده لأننا مش في وقت مزايدات مين بيحب مصر اكتر من مين.

- رغم اللي حصل واسرئيل لسة عايزة سلام .. اتبطّوا بقى واعرفوا قيمتكم.
      الرد: المفروض المباديء لا تتجزأ لا تحددها القوة, مش معنى اننا اقويا نقتحم السفارة, أو ضعاف نطاطي راسنا. إحنا لو أصحاب حق نطلبه و "نعمل الصح" ونحط صباعنا في عين أتخن تخين حتى لو احنا اضعف دولة.

- الناس اللي بتولول دلوقتي , خايفيين من إسرائيل ليه؟؟ امال هتعملوا ايه لو دخلنا حرب؟ .
      الرد: أنا مش خايف من إسرائيل ولا خايف من حرب لكني خايف على أخلاقنا, حرب مع إسرائيل في سينا او حتى تل أبيب أشرف وأطهر 200 مرة من اقتحام سفارتها في قلب بلدنا.

* * *

ده غير إن الحرب دلوقتي خيار غير وارد, لا إسرائيل عايزه تحارب ولا إحنا نقدر نحارب. وفيه حقيقة - عجبتنا أو معجبتناش - هي ان الجيش المصري فيه أكتر من 40 مليار دولار معونات أمريكية, فكون ان احنا نحارب إسرائيل (حليفة إمريكا) بجيشنا الحالي نبقى بلد واطية.. لو فعلا عايزيين نحارب يبقى نرجع لأمريكا الـ 40 مليار بتوعها ونقولها متشكرين ونشوف بعد كده هنحارب إزاي.

على فكرة أنا كنت ومالزت من أكتر الناس المتحيزيين للثورة والثوار لكن الاعتراف بالحق فضيلة. وبغض النظر مين اللي اقتحم السفارة, فده حصل على أرض مصر, و من قال "أخطأت" هو أشجع الشجعان.


الخميس، 1 سبتمبر 2011

Briefly, How I see USA foreign policy in Middle East

USA interests in Middle East are not Freedom, Democracy nor Human Rights. But actually 
they care about two things :

1st- Protecting Israel
2nd- Gulf's oil flow



- If these two interests would be achieved through $2.5 billions annual aid to Egypt, no problem. 

- Through establishing military bases in Gulf, that's very welcome.

- Through making STRONG friendship with dictator like Mubarak, it's ok.

- Through having an alliance with extremist Islamic Wahabi regime like KSA, it would be a good idea.

- Through deepening the mutual hatred between normal Americans and normal Arabs, that's fine. 

And btw, I am not Muslim nor an Islamist to be prejudged as anti-americanism.
It is just my opinion.


السبت، 20 أغسطس 2011

لماذا أكره إسرائيل




لن أعرض أحداث يومية, فهي تملأ الصحف, ولا وقائع تاريخية, فهي تملأ الكتب, لكني أعرض وجهة نظري الشخصية في محاولة لأريك ما أراه ولأجد جوابا يشفي فضولي "لماذا أكره إسرائيل".
وبعد قراءة المقال قد تجد أن عنوانه كان مضلل إلى حد ما.. قد ضللني أنا أيضا.


كثيرا ما تسائلت هل إسرائيل حقا هي سبب كل ما يصيبنا من بلاء؟ ولولاها ستكون مصر يوتوبيا؟  .. تبدو لي الإجابة, نعم.


ففي مصر, لا يتردد الرأي العام أن ينسب لإسرائيل كل شر وشبه شر يلحق بنا, وإذا افترضت أن الرأي العام دائما على صواب (وهو ما يعتقده كثيرون) لصدقت أن أحداث العنف الطائفي التي تندلع بين مسلمين ومسيحيين بين الحين والآخر سببها إسرائيل, ولعلمت أن سمكة القرش التي قضمت ذراع مصطافة ألمانية أرسلتها إسرائيل, وتيقنت أن الشغب في مبارة الفريق المصري والتونسي أوعزت به إسرائيل, وأدركت أن مفجّر أنابيب الغاز في سيناء يعمل لصالح إسرائيل.

بل ذهب البعض إلى أن الثورة المصرية التي أطاحت بحليف إسرائيل هي من صنع إسرائيل. ولا يتوقف الموضوع عند إلقاء الملامة فحسب, بل إحدى شروط الترشح للرئاسة سواء كنت ليبرالي أو إسلامي أن تكره إسرائيل, وبقدر ما تسب إسرائيل وتكيل عليها اللعنات بقدر ما زادت شعبيتك وأثبتُّ وطنيتك وحماستك.

يذكرني الأمر براسكولينيكوف, القاتل المحترف, الذي قضى شهرا ونصف لا ينام, كل همه أن يخطط لأدق تفاصيل جريمة السرقة والقتل التي أزمع أن يرتكبها ضد إمرأة عجوز, وبالفعل تممها بنجاح, وبعد سنين طويلة عندما مثل أمام القاضي دافع عن نفسه قائلا "لقد أغواني الشيطان" في حين أن الشيطان كان يجلس تحت رجليه صامتا يتعلم من شدة دهاءه. بالطبع أنا لا أدافع عن الشيطان ( وبالتالي لا أدافع عن إسرائيل) والشيطان نفسه لم يدافع عن نفسه!, بل وقف بعيدا سعيدا بمجدٍ ناله لا يستحقه, مفضلا الصيت على الغنى.

* * *

أنتقل لمشهد آخر, أعود في أوله بالذاكرة سنين للوراء, عندما كنت جالسا أمام التلفزيون, فارغ الصبر, منتظرا انتهاء نشرة أخبار التاسعة المملة على القناة الأولى, حتى أعواد اللعب بالأتاري. ويطل المذيع السمج, ليذيع الخبر الأول في النشرة - الذي هو كالعادة – ذهب الرئيس جاء الرئيس استقبل الرئيس قال الرئيس, ثم الخبر الثاني: "شنت مروحية إسرائيلية غارة على قطاع غزة وأطلقت قذائف راح ضحيتها شهيد فلسطيني وخمس مصابين, ورد الجناح العسكري لحركة حماس بإطلاق صاروخين على مستطونات إسرائيلية أسفرت عن مقتل إسرائيلي وإصابة اثنين أخرين".

كنت أتسائل لماذا نسب المذيع للفلسطيني الشهادة وللإسرائيلي القتل؟ أليس كلاهما مدنيين ماتا بنيران عسكرية؟ ليكن إذن كلاهما شهيدين أو قتيلين. والرد الذي يأتيني هو أن الأول يهاجم أما الثاني يرد, أو ان الأول مغتصِب والثاني مقاوم. حسنا, سوف أقبل تلك الإجابة فهي تبدو منطقية, وعلى أي حال أنا لا يهمني قول المذيع, فبجانب كرهي له, كنت واثقا أن الله تعالى لن يرسل هذا المذيع ليقف على باب الجنة.

الموضوع إزداد تعقيدا أمامي حين قمنا بالثورة, وسقط مبارك, ورأينا ردود الأفعال الإسرائيلية تجاه هذا, لقد كانت إسرائيل تساند مبارك حتى النفس الأخير, وها هو حسين سالم الصديق الأقرب لمبارك يحمل جواز سفر إسرائيلي, الغاز المصري يصدر بأبخث الأسعار لإسرائيل, بل أن مبارك كان "الحليف الإستراتيجي" لإسرائيل في المنطقة على حد قول أحد وزرائهم.

لماذا إذن كان الإعلام المصري الرسمي الغير الحر الخاضع مئة في المئة لنظام مبارك كان يرسخ في أذهاننا تلك الصورة السوداء عن إسرائيل وكأنها الشر المطلق في الأرض بينما كان مبارك حليفهم الإستراتيجي؟ سؤال صعب.

وليس بسر أن نظام مبارك لم كان يوجِّهنا من خلال نشرة الأخبار فقط, بل كان هناك من يدعون "رجال دين" صنعهم النظام وكرسوا أنفسهم لخدمته, ودافعوا عنه حتى الممات بينما كان أتباعهم يشكون من قمع النظام لهم وعدم قدرتهم على ممارسة شعائرهم الدينية بالحرية التي يريدونها. فليس أسهل من أن يطلق أحدهم لحيته وتُصنع له قناة فضائية ويُصدّر إعلاميا حتى يتبعه كثيرون ثم يعمل لخدمة نظامه الظالم. هؤلاء رأيتهم كثيرا يقضون الساعات يبثون الكراهية تجاه إسرائيل ثم يسبحوا بحمد النظام. والمدعون "مثقفون" أيضا, منهم من صنعهم النظام وصدرهم إعلاميا وكان شغلهم الشاغل الثناء على النظام وصب اللعنات على رأس إسرائيل.

مازال السؤال الصعب قائما, لماذا كان إعلاميو مبارك, و"رجال دين" مبارك, و"المثقفون" المباركيون و الساسة المباركيون, يرسخوا في أذهاننا كراهية إسرائيل حتى النخاع بينما كان مبارك نفسه حليفهم الإستراتيجي؟؟

والسؤال الصعب يبدو سهلا إذا ما قارنته بالسؤال الثاني: لماذا تركت إسرائيل حليفها الإستراتيجي يكرس في عقول وقلوب شعبه كراهية إسرائيل؟ هل لم يكونوا على علم؟ بالطبع لا. لماذا لم يرفع نتنياهو سماعة هاتفه ليطلب من صديقه أن يصور إسرائيل على أنها صديق؟ أو على الأقل أن يخفف من حدة ترسيخ الكراهية ضدهم؟

هل تعتقد أنه كان سيفشل؟ أقول لك لا. فعلى مدار 30 عاما تشكل فيها ثقافة أجيال وأجيال كان يقدر مبارك أن يزرع فينا ما أراد عن طريق جنوده المختلفين الذين ذكرتهم سابقا. لو أراد أن يصنع من المصريين والإسرائيليين أحب الأصدقاء, لفعلها. لا أحكم من خيالي بل من وقائع ألمسها, فقد نجح نظام مبارك (وحلفاءه) أن يغيروا مفاهيم أساسية وإنسانية فينا وليست سياسية فقط. فهناك قطاعات عريضة من المجتمع تعتقد أن قتل من خالفك الرأي جهاد في سبيل الله, وقطاعات أعرض تعتقد أن القمع هو الانضباط, و قطاعات أعرض وأعرض تعتقد أن الذل والمهانة هما الرضا بما قسم الله لنا.

نعم, أكررها, إن أراد نظام على مدار 30 عاما أن يغير فينا ما أراد من مفاهيم لفعل, في ظل ضعف عام للمؤسسات الدينية, انحدار شامل في مستوى الثقافة, انشغال المواطن العادي بقوت يومه, ومؤسسات إعلامية ومجتمعية يسطو عليها النظام.

* * *

هكذا ظلت تلك الأسئلة تحيرني حتى وجدت إجابتها أمس عندما قرأت عن مقابلة حدثت مع هيرمان جورنج, الذراع الأيمن لهتلر بينما كان يتنظر محاكمته بعد سقوط النازية.

      سأله محاوره:
-          هل الفقراء يريدون الحرب؟
-           بالتأكيد الناس لا يريدون الحرب. لماذا يعرض فلاح فقير حياته للخطر بينما أفضل ما يمكن أن يجنيه بعد الحرب هو أن يعود مرة أخرى إلى حقله. الناس العادية لا يريدون الحرب, لا في روسيا ولا إنجلترا ولا أمريكا ولا حتى ألمانيا. هذا مفهوم. لكن الواقع أن قادة الدولة هم من يرسمون السياسات ودائما قيادة الناس على تنفيذ تلك السياسات أمر هين, سواء كان النظام ديمقراطي أو ديكتاتوري فاشي أو برلماني أو شيوعي.
فعلق محاوره:
-          لكن هناك فرق, ففي الأنظمة الديمقراطية هناك ممثلين عن الشعب, وفي الولايات المتحدة مثلا لا يؤخد قرار الحرب إلا من خلال الكونجرس.
فأجاب جورنج قائلا:
-          أوه, هذا كله جيد, لكن أن تقنع الناس أيا كانوا بما يريده القادة أمر سهل جدا, كل ما عليك فعله, أن تخبر الناس أننا معرضون للهجوم, وتشجب معارضي الحرب بأنهم قليلو الوطنية, وتعلن رسميا تعرض الدولة للخطر. هذا الحل يعمل بنفس الطريقة في أي دولة.

هذا حقا ما يفعله الحكام, وبتلك الطريقة يفكرون, يجب أن يشعر الناس دائما ان هناك خطر ما يحوم حولهم, لابد أن يكون هناك عدو ما واقف على الأبواب, حتى يؤيد الناس قادتهم تأييد أعمى نابع عن خوف, وليس اقتناع, ويقمع صوت كل معارض.

هذا ما فعله هتلر ليبرر غزوه لبولندا في بداءة الحرب العالمية الثانية.

هذا ما فعله بوش حينما خدع الرأي العام الأمريكي ليبرر حربه ضد العراق.

هذا ما فعله مبارك ليبرر بقاءه في الحكم.

هذا ا تفعله إسرائيل لتبرر استخدام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين.

هذا ما يفعله بعض المتشددين الإسلامين حين يخبرون أتباعهم أن خطر العلمانيين الكفرة على الأبواب.

هذا ما يفعله بعض اليساريين المتطرفين حين يخبرون أتباعهم أن خطر الإمارة الإسلامية الرجعية بات محقق.

هذا ما يفعله كل ظالم وجد في يده سلطة,
 فليرحمنا لله منهم جميعا.


السبت، 6 أغسطس 2011

فتوى إماراتية تدعو سكان الأدوار الشاهقة للإفطار بعد دقيقتين من الأذان .. و الأزهر يرفض





ديه اللينك بتاع الخبر اللي شد انتباهي, بصراحة أنا اول ما قريته اتغظت عشان تحديد مواعيد الشروق و الغروب مهمة جغرافية بحتة, مش دينية, بس قولت لنفسي يا واد قبل ما تتكلم اعمل الهوم وورك بتاعك عشان تتكلم بقلب جامد.

الفتوى باختصار بتقول يا سيدي انك لو ساكن في الدور الـ 150 (أو أعلى) تفطر متأخر تلات دقايق وتصوم بدري تلات دقايق يعني صيامك هيزيد 6 دقايق. أوك كلام جميل, بس الأرقام ديه جابوها منين؟؟ قولت احسبها.


لو افترضنا ان ارتفاع كل دور 3 متر , يبقى اللي ساكن في الدور 150 يبعد عن سطح الأرض 450 متر . تمام

طب عشان نعمل حسابتنا احنا محتاجين نعرف نصف قطر الأرض ,  مش مشكلة ديه سهلة, أخدنا في أولى إعدادي أن محيط الدايرة = 2 ط نق
يبقى نق (نصف القطر يعني) = المحيط / 2 ط
و احنا عارفين ان محيط الأرض  = 40 ألف كيلو يبقى نق = 40000 /  2 ط = 6366.198  كم .. قشطة

بص بقى على الرسمة ديه, بتمثل لحظة الغروب لانسان عند النقطة (أ) :


عملنا شعاع الشمس بيمس الأرض في النقطة (ب), (م) مركز الأرض, (أ) بني أدم ساكن في الدور الـ 150, (جـ) نقطة تقاطع (أ- م) مع سطح الأرض .. اصحى كده معايا و ماتوهش الدنيا سهلة  زي الهندسة بتاعة تلاتة اعدادي بالظبط.

و رسمنا مثلث ( أ – ب – م ) قائم الزاوية في (ب) , اوك؟  طيب ..

( ب – م ) = نق = 6366.198  كم
( أ – م ) = نق + ارتفاع البرج = 6366.198 + 0.450  = 6366.648  كم.
عايزيين نحسب ( أ – ب) ازاااي؟ البركة في عم فيثاغورس , قالنا في المثلث القائم مربع طول الوتر يساوي مجموع مربعين الضلعين .. شكرا فيثاغورس باشا
يبقى ( أ – ب ) = الجزر التربيعي لـ 6366.198  تربيع + 6366.648  تربيع  , ( أ – ب ) = 75.7  كم تقريبا

ماشي .. بعدين ايه بقى؟. بص يا سيدي, طول القوس (ب – جـ ) = تقريبا طول (أ – ب) .. دلوقتي احنا عايزيين نعرف الأرض لفت من (ب) لـ (جـ) في وقت اد ايه عشان نعرف البني أدم اللي ساكن عند (أ) هيتأخر أد ايه على الفطار.

مفيش أسهل من كده, كلنا عارفين ان الأرض بتلف لفة كاملة حوالين نفسها كل يوم, يعني كل 24 ساعة يعني كل 1440 دقيقة .. حلو و بعدين؟ و علماء الجغرافيا ربنا يخليهملنا قسموا الأرض لـ 360 خط طول (الخطوط ديه وهمية عمرك ما هتشوفها بعينك), المسافة ما بين الواحد و أخوه 110 كم تقريبا عند خط الأستواء.



ـ   ... يبقى بحسبة بسيطة  نقدر نعرف ان الارض بتلف المسافة ما بين كل خط طول و التاني في 4 دقايق.
يبقى الارض هنقطع مسافة 75.7  كم في   ( 4 * 75.7 ) /  110 = تقريبا  2.75 دقيقة = 165 ثانية يعني من الآخر الراجل اللي ساكن في الدور الـ 150 هيفطر متأخر دقيقتين و 45 ثانية. .. قشطة باللبن.

بس خلي بالك, برضه هو هيصوم بدري دقيقتين و 45 ثانية .. يعني صيامه أطول من صيام اللي ساكن في الدور الأول بـ 5 دقايق و نص. جميل,بجد الله يفتح على المفتي الإماراتي بصراحة حساباته الله ينور.

يبقى كل ما الواحد يبعد عن الأرض, فترة صيامه هيطول لأنه هيتعرض لأشعة الشمس فترة أطول .. بس فيه مشكلة.. افرض فيه واحد ساكن فوق جبل (قمة إفرست مثلا) يعني اكتر من 8 كم من سطح الأرض , ده نظامه ايه؟ اعتقد الموضوع ممكن يخشله في ساعة فطار متأخر و ساعة صيام بدري ... هممممـ طب افرض واحد خنيق آخر حاجة راح فوق قمة إفرست و بنى برج 250 دور و سكن على السطوح ... ده نهاره هيبقى مش فايت.

طب تعالى نتخيل واحد ساكن في الدور المالانهاية !! .. ده نظامه ايه؟؟ عارف عارف مش هيحصل و ان حصل هيفضل طول رمضان صايم لانه هيكون في النهار على طول.


بس احذررررر كده و فتح عينك .. الوصول للنتايج ديه كان :

-          بفرض ان الأرض كروية .. و ده مش صح لأن الأرض مبططة يعني محيطها الأفقي أطول من محيطها الرأسي.
-        و  بفرض ان سطح الأرض مستوي.. و ده مش صح لأن سطح الأرض مليان جبال و هضاب و جزر و وديان وسهول و تلال و و  و ... إلخ.
-          وبفرض ان اليوم  بالظبط 24 ساعة .. وده مش صح لأن اليوم أطول من كده بدليل ان السنة الشمسية طولها 365 يوم وربع.
-          وبفرض ان كل الناس اللي صايمه ساكنه عن خط الاستواء .. وده مش صح, احنا مثلا في مصر ساكنين عند مدار السرطان وبالتالي المسافة مابين خطوط الطول اصغر من 110 كم وده هيأثر على حسابتنا.
-          وبفرض ان احنا بنشوف الشمس في لحظة الشروق و بتختفي في لحظة الغروب .. وده مش صح لأن شعاع الشمس بيخاد 8 دقايق و تلت لحد ما يوصلنا يعني نظريا احنا بنفطر بعد الغروب الحقيقي بـ 8 دقايق و تلت.
-          و بفرض ان اشعة الشمس بتمشي في خطوط مستقيمة .. وده مش صح لأن الأشعة بتحيد و بتتأثر بمجال جاذبية الأرض أو اي جسم عدت جنبه حسب نظرية إينشتاين.
-          و بفرض ... خلاص خلاص كفاية فروض كده

أنا بس كنت عايز اقول ياريت ثم ياريت ثم ياريت ان رجال العلم يفتوا في العلم و رجال السياسة يفتوا في السياسة و رجال الفلك يفتوا في الفلك و رجال الدين يفتوا في الدين  ورجال الجغرافيا يفتوا في الجغرافيا و كل واحد يحترم تخصصه و تخصص غيره.

أنا ؟؟ لأ انا بتاع كله بفتي في أي حاجة .. كل سنة و انتم طيبين.