الجمعة، 25 مارس 2011

خطوط حمراء


عندما أتيت حديثا لقاهرة المعز و دخلت محطة مترو الأنفاق لأول مرة, وقفت متسمرا للحظات و أنا أسير على رصيف المحطة لمّا وجدتني على وشك تخطي خط أحمر, سألت نفسي هل كنت على حافة ارتكاب إثما؟ هل كنت سأعبر إلى منطقة محرّمة؟ لم أعرف الإجابة لكني رأيت الناس يطأونه بأقدامهم كأنهم يتعمدون إهانته و أخرين يعبرون من فوقه كأنه شيئا لا يكون. استجمعت شجاعتي بسرعة , وعبرت, بين حيطة و حذر, هه كان الأمر سهلا ليس بالصعوبة التي ظننتها منذ ثواني.

كان هذا الخط الأحمر الأول الذي لفت انتباهي ولم يكن الأخير, فمنذ أن تنبهت و أنا أرى من حولي خطوط حمراء كثيرة أينما سرت و حيثما حللت. خطوط حمراء كثيرة على اختلاف أشكالها و ألوانها (نعم أقصد ألوانها) في كل مكان و في كل موضوع, أحيانا لا أعلم من وضعها ولماذا وُضِعت و هل فعلا حققت الغرض من وجودها فهي تكون مستفزة في بعض الأوقات.

خرجتُ من المترو وصعدت إلى ميدان رمسيس, أخذني أول ما أخذني اتساع الميدان ثم ما لبثت أن وجدت نفسي داخل قفص!, تتبعت بعيني مسار السور الحديدي على طوله لأجد مخرجا, ها هو مخرج هناك, بدأت السير ناحيته متبعا ما ظننته تعليمات النظام العام رغم أن المخرج كان بعيدا و عكس الاتجاه الذي كنت أريد السير فيه, تعجبت لما وجدت قليلين هم الذين يتوجهون إلى المخرج المسموح فالأكثرية لا تتردد أن تقفز فوق السور إذا كانوا شبابا أو الانحناء والعبور من أسفله إن كانوا شيوخا. و لما خرجت أدركت أني لم أكن في القفص الوحيد فالميدان مملوء بالأقفاص الحديدية هنا و هناك فيما ذكرني بحديقة الحيوان.


و الخطوط الحمراء ليست فقط طبيعية أو فيزيقية لكنها أيضا معنوية و نحن على مدار عقود كان يُسمح لنا أن ننتقض النظام الفاسد لكن في حدود أما الاقتراب من رؤوسه فكان خط أحمر. وفي الآونة الأخيرة تردد على مسامعي و عرفت خطوط حمراء جديدة لم أكن أعرفها من قبل. ففي المشكلة المشهورة بين أنبا بيشوي ودكتور سليم العوا قال من قال أن الخطوط الحمراء قد تم تجاوزها. وفي الاستفتاء الأخير والحديث عن التعديلات الدستورية وإعلان دستوري جديد قال بعضهم أن المادة الثانية خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه. و عندما كنت أحوار صديقا متبادلين وجهات النظر المختلفة حول كيفية النهوض بمصر في المرحلة المقبلة و لمّا فتُحت أبواب النقاش و اتسمت الآراء بالصراحة و الوضوح استوقفنا الحديث الشيق لأننا قد تجاوزنا الخط الأحمر.

مازلت أتسائل, مَن وضع الخطوط الحمراء ولماذا وضعها وهل وجودها حقق الغرض المرجو؟ أنا أعلم أن كل ممنوع مرغوب, و الإنسان بطبعه توّاق لمعرفة المجهول. و إذا كثرت الخطوط الحمراء أمام الطَمُوح سوف يتحول لواحد من اثنين إما يذعن خوفا من بطش الحاكم و تُسلب إرادته و يصير مُصيَّر إما أن يتخطّاها و حينئذ يكون خارج عن العُرف مكسِّرا للتقاليد و المُسَلَّمات. والأم إذا اعتقدت ان طفلها ضعيف الإدراك ومنعت عنه الكبريت فسوف يقتنص فرصة خروج أمه من البيت ليفتش عن الكبريت وقد تحدث كارثه و الأب إذا منع ابنه الشاب من عمل معين وضيّق عليه الخناق فالابن لن يتردد أن يفعل ما يحلو له في غفلة من أبيه.


أرى أن سياسة المنع و الخطوط الحمراء لم تعد هي الحل الأمثل مع التعامل مع مشاكلنا في ظل التغيرات التي لحقت بمجتمعنا و العالم أجمع. و إن كنّا سنتحاور فقط في مناطق الاتفاق فأي ثمرة سوف نجني؟ وإن رفضنا أن نختلف مع بعضنا البعض فكيف سنتعلم الاختلاف؟

عرفت مؤخرا أن الخط الأحمر الذي تجاوزته في محطة المترو منذ أكثر من عامين كان حدا فاصلا بين عربات السيدات و العربات الأخرى, هما خطين ليس خطا واحدا, حدا من هنا وآخر من هناك و عربات السيدات في الوسط (لاحظ عدم وجود الخطوط الحمراء في محطات خط المترو القديم). هلّا يجيبني أحدكم؟ هل ما نراه من حالات تحرش جماعية في الحدائق العامة  أيام الأعياد بصورة دورية له علاقة بالخطوط الحمراء في محطة المترو حيث غابت الخطوط الحمراء في تلك الحدائق؟ هل الموانع الحديدية "الحيوانية"  في ميدان رمسيس وضِعَت لأن الناس صاروا همجا؟ أم الناس صاروا همجا لما رأوا تلك الأقفاص الحديدية؟ أم كلاهما ليس صحيحا و هذا خطأ من وضعها؟ بكلمات آخرى, هل الخطوط الحمراء سبب أم نتيجة؟

الجمعة، 18 مارس 2011

دليلك لصوتك . كلام من الآخر


ها هتصوت بنعم ولا لأ؟   نعم؟   طب ليه؟  ايه بتقول لأ؟   طب لأ ليه؟

بص أنا بصراحة احترت زيك بالظبط, في الأول قلت هصوت نعم لقيت ناس لأ بيقولولي ده ترقيع في الدستور و التفاف على الثورة و خيانة لدم الشهدا و عايزيين نبدأ صح و بيني و بينك معاهم حق. خلاص أنا هقول لأ. لقيت الناس بتوع نعم بيقولولي لأ هتودينا لفوضى و نعم هي أقصر طريق للاستقرار و الأمن و كمان عشان الجيش يروح بيته, وماخبيش عليك أنا حاسس برضه ان معاهم حق.

أووووفـــــــــــفف حاجة بجد تحير أنا خلاص بشد في شعري, كان مالنا احنا و مال حرية الرأي و الديمقراطية و الكلام المجعلص ده!. المهم دلوقتي ده أمر واقع و أنا لازم أقول رأيي عشان ما ابقاش سلبي, وعشان أنا عارف انك محتار زيي تمام قررت اني اساعدك و عايزك انت كمان تساعدني عشان نعرف المفروض نقول نعم ولا لأ ربنا يعدي اليوم ده على خير.

هما يدوبك 12 سؤال هتجاوبهم و قبل ما توصل لآخرهم هتكون عرفت المفروض تقول ايه, وإذا كنت فعلا قررت بس لسة محتار شوية برضة جاوب على الأسئلة و هتتأكد إذا كان قرارك صح ولا غلط و إذا كنت قررت و متأكد و مش محتار يبقى نفض للأسئلة و دوس "باك" و ماتضيعش وقتك.

دليلك لصوتك:

1)          هل أنت من المنتمين أو المنتفعين من الحزب الوطني؟
نعم :      صوت بـنعم
لا:         انتقل للسؤال التالي

2)          هل أنت إخوانجي؟ يعني من الأخوان المسلمين؟
نعم:       صوت بـنعم
لا:         انتقل للسؤال التالي

3)          هل أنت مسيحي؟
نعم:       صوت بـلا
لا:         انتقل للسؤال التاني

4)          هل تحسب نفسك سلفيا أو من المتعاطفين مع الجماعات الإسلامية؟
نعم:       صوت بـنعم
لا:         انتقل للسؤال التالي

5)          هل كنت من المعارضين للثورة أو تمنيت ولو للحظة أن تنزل نار من السماء و تبتلع شباب التحرير؟
نعم:       صوت بـنعم
لا:         انتقل للسؤال التالي

6)          هل أنت من المعجبين بالبرادعي و سوف تعطيه صوتك في الانتخابات القادمة؟
نعم:       صوت بـلا
لا:         انتقل للسؤال التالي

7)          هل ترى الدولة المدنية تتعارض مع الدين؟
نعم:       صوت بـنعم
لا:         انتقل للسؤال التالي

8)          هل قلت يوما ما من قلبك " أنا آسف يا ريس " ؟
نعم:       صوت بـنعم
لا:         انتقل للسؤال التالي

9)          هل تمنيت أن يبقى الفريق أحمد شفيق ليدير البلاد في المرحلة الانتقالية؟
نعم:       صوت بـنعم
لا:         انتقل للسؤال التالي

10)          هل تقر بضرورة تدخل رجال الدين في الحياة السياسية؟
نعم:       صوت بـنعم
لا:         انتقل للسؤال التالي

11)          هل تعارض أن يصير قبطيا أو امرأة رئيسا للجمهورية؟
نعم:       صوت بـنعم
لا:         انتقل للسؤال التالي

12)          هل كل اجاباتك السابقة كانت لا؟
نعم:       صوت بـلا
لا:         مش ممكن!


يا جماعة أنا عارف ان الكلام دمه تقيل بس للأسف شايف ان ده الواقع. ياريت لو سمحت بلييز يعني من فضلك لو كانت نتيجة اجابتك عن الأسئلة عكس نيتك في التصويت تقولي عشان احس ان انا غلطان.

و الله الموفق و المستعان

الأحد، 13 مارس 2011

المادة الثانية ما بين "تتشال" و "تتساب"


عزيزي المقاتل \ عزيزتي المقاتلة: -
تحية طيبة و بعد, لعلنا جميعا نتابع التطورات السريعة الحادثة على الساحة السياسية المصرية و ما يترتب عليها من مستقبل أمّة بات للأيام الحاضرة القول الفصل فيها. حيث وَجَبَ علينا أن نكون على دراية و وعي قومي بالأحداث الجارية ليكون لنا دور مؤثر في تحديد مستقبل أوطاننا.

و قد نتفق أو نختلف أن الاستفتاء المقرر تنظيمه  يوم السبت 19 مارس 2011 حول التعديلات الدستورية المقترحة سوف يكون له  الدور الأهم في رسم ملامح الفترة الانتقالية في الصفحات الأكثر حسما من كتاب تاريخ مصر المعاصر. و من متابعتي للمشهد السياسي الراهن و مواقف القوى الوطنية المختلفة من هذه التغييرات أرى أن احتمال رفضها أكثر واقعية من قبولها حيث أن الأغلبية أجمعت على رفضها  - بحجة أنه لا جدوى من ترقيع ثوب بالٍ - باستثناء جماعة الإخوان المسلمين التي ترى أن قبول التعديلات هو الخروج الآمن من عنق الزجاجة .

و في حالة رفض التعديلات (بافتراض إجراء الاستفتاء في ميعاده المحدد و بافتراض نزاهنته ان شاء الله) سوف يكون الوضع أكثر تأزما لأننا سنكون بصدد كتابة دستور جديد للبلاد و هو ما يضعنا أمام تلك المشكلة المتأصلة الضاربة بجذورها في أرضنا منذ آلاف السنين و السؤال الذي كثيرا ما أرقنا : المادة التانية تتشال ولا تتساب؟؟


تتشال ولا تتساب؟؟ : -
إنها الحرب يا صديقي. نعم هي الحرب. و لكي تنتصر في غمار معركة ضروس عليك أن تعرف أولا في أي جانب سوف تحارب و ما هو سلاحك و ما هي استراتيجيات و خطط المعركة. و هو ما سوف أحاول مناقشته في الفقرات التالية.

السؤال الأول: في أي جيش سوف تحارب؟
الخوف كل الخوف أن توجه سلاحك ضد حليفك أو أن تصادق عدوك و من هنا تكون إجابة السؤال الأول هي الأهم .. لا تقلق , فالاجابة بسيطة و في متناول أي طالب حتى اللي ما بيفهمش. 

ليس عليك – عزيزي المحارب- إلا أن تخرج حافظة نقودك من جيب البنطال الخلفي (أو البوك من شنطة اليد في حالة الفتيات) و أن تخرج منها بطاقة الرقم القومي ثم اقلبها و انظر في الوجه الخلفي فإن وجدت كلمة مسلم\مسلمة فقد تعين عليك أن تجاهد في جيش "تتساب" و إن وجدت مسيحي\مسيحية فقد شاءت الأقدار أن تناضل في جيش "تتشال" و إن وجدت كلمة آخرى .... لا  داعي, فلن تجد لأن قواعد المعركة تسمح بوجود جيشين فقط لا غير.

و إن لم تكن من هواة التفتيش و القراءة لا تتقلقل فهناك طريقة أكثر سهولة لمعرفة بين من عليك أن تحارب. فقط أنظر في معصم يدك اليمنى, فإن رأيت وشما ما عليها فانت حتما ستتبع تتشال و إن لم تجده فنصبيك تتساب. و إن كنتي فتاة فأنتي أوفر حظا لأن اجابة سؤالك أكثر متعة!, فقط قفي أمام المرآة و بعد أن تتأملي جمالك و رشاقتك إلقي نظرة سريعة على رأسك, إذا رأيت شعرك فلا سبيل أمامك إلا جماعة تتشال و إن رأيتي طرحة زاهية اللون و مزركشة فلا مناص من أن تنضمي لجبهة تتساب.

حسنا.. الآن صديقي المقاتل\صديقتي المقاتلة تعلم في أي جيش تحتم عليك أن تحارب و قد أجبت على السؤال الأول (هل رأيت كم كانت الإجابة سهلة !! ) و للننتقل الآن إلى السؤال الثاني.


السؤال الثاني: ما هو سلاحك و ما هي استراتيجية المعركة؟
سلاحك خفيف الحَمل. لن يؤلم ذراعك. سهل المراس. لا تحتاج فترة من التدريب كي تتقن استخدامه. شديد الفتك. يلحق بعدوك أشد الضرر .. و الأخبار السعيدة أنه لن يتعب ضميرك.

لن تحتاج يا صديقي في احلك الظروف لأكثر من الفيسبوك !. كل ما عليك هو أن تــ "لايك" صفحة نعم للإلغاء المادة الثانية من الدستور و أي مواد أخرى تضر بمفهوم المواطنة في حالة انضمامك لكتيبة تتشال أو تــلايك صفحة لا للمساس بالمادة الثانية من الدستور للحفاظ على هوية مصر الإسلامية إن كنت جندي في كتيبة تتساب, و في كلتا الحالتين عليك أن تضغط على زر "دعوة الأصدقاء" و تكتب "جافا سكريبت: سيليكت أوول()" حتى توقظ جميع الجنود الغافلين و تعبئهم للمعركة ولا غضاضة إن وصلت الدعوة لجندي من معسكر الأعداء, فغالبا هذا لن يحدث لأنك ستجد أغلب أصدقائك منتمين لنفس الجيش الذي تنتمي أنت إليه.

و إن كنت محارب مغوار لا تخشى الأقدار تعرف الأسرار فلا مانع أبدا أن "تشيــر" بعض مقاطع الفيديو لرجال دين يؤيدون مذهبك لأن هذا من دوره سوف يشدد عزائم أصدقائك من الجنود الذين قد تخور عزائمهم  أو يتعاطفون مع العدو أثناء المعركة.ـ
و إن كنت جندي لا يهاب الصعاب ولا يبالي بالعقاب فلا تتردد أن تلصق بعض الملصقات في الشوارع و الطرقات و أن تقود المظاهرات. لا تجعل أحدهم يعنفك أو يلومك ففي الحرب كل الوسائل مشروعة.



...... أعذروني يا أصدقائي على اللهجة الساخرة التي استخدمتها أعلاه, فما أراه من اخوتي , أبناء وطني قد أرهقني. لا يُحزنني رأي العوام من الجهلة أو غير المتعلمين فأنا أعزّي نفسي و أقول لعلهم لا يعلمون لعلهم لا يدركون إنما المصيبة الحقيقية هي أن أجد خيرة شباب مصر من حاملي الشهادات الجامعية ينتهجون هذا النهج متبنين هذا الأسلوب السطحي في الحوار الضعيف في آليات الإقناع.

آلمني أن تظن شابة مستنيرة أن مباديء دينها تحميه مادة في الدستور و ليس الله. آلمني أن ينادي رجل دين بالمواطنة و المساواة بين الجميع ثم يقترح اقتراح يلقي بالمساواة في سلة القمامة. آلمني أن أتلمس خوف صديق يظن أن هؤلاء المجتمعون في الجامع يضعون خطة لقتله. آلمني زميل حامل شهادة علمية عالية يعتقد أني أذهب للكنيسة لأصنع سحرا يفسد عليه حياته مع اقرانه. آلمني  أن أرى الجهل في عقول المصريين اصبح رأس المال الذي يستثمره البعض لتحقيق مآرب سما شأنها أو هبط.

و أنا أقرأ عن تاريخ مصر الحديث في المنتصف الأول من القرن الماضي و ما قبله ينتابني حزن شديد مما  كانت عليه مصر و ما
صارت. كلما استزيد عن الحياة السياسية و الاجتماعية و الثقافية إبان تلك الفترة يعتصر قلبي الكليم موجات من المشاعر المتضاربة  لما كانت عليه بلادي و ما آلت. و أود أن أصرخ بصوت عالٍ متسائلا ذلك السؤال الذي طالما سأله أدباء و مفكرون لاهثين خلف إجابة شافية: ماذا حدث للمصريين؟؟ ماذا حدث للمصريين؟؟

تتفق معي أيضا او تختلف, أنا أرى أن الستين عاما الماضية قد مضت بوطننا بسرعة فائقة نحو غياهب الظلمة و أصِبنا بالعرج الثقافي و الشلل الفكري و العمى المعرفي و بقينا أمام مخلوق مشوه يُدعى اسمه ........لا,  لن أقولها, حتى لساني يأبى أن ينطقها لكني أقول أنه حان الوقت للننتفض من سباتنا و نزيل غبار أزمنة غابرة حان الوقت لننهض و نركض لندرك ما فقدناه على مدار سنين طويلة.

عفوا .. لقد نسيت موضوعي, هي المادة التانية المفروض تتشال ولا تتساب؟