الاثنين، 17 يناير 2011

كان يسير وحيدا.. هادئا ..سعيدا ..


كان يسير وحيدا هادئا سعيدا في الطريق الذي اعتاده منذ نعومة أظافره. لا يملك طريقا غيره ففيه كان يسير. أيحرك هو قدماه؟ أم هما تحركانه؟ هو لا يهتم. و لماذا يهتم؟ فهو على أي حالٍ يسير. إلى أين هو ذاهب؟ لا يدري. فهو يذهب كما يذهب الطريق..

هكذا كانت حياته و هكذا مرت سنيه... لكن ...ذات يوم صاح: أين الطريق؟! أين ذهب طريقي؟! قد انتهى .. لا لا هو لم ينتهي . هو أصبح طريقين نعم طريقي أصبح اثنين. واحد يميل يمنة و الآخر يسرة . في أيهما يسير؟ لا يدري. صَعُبَ عليه القرار فهو لم يعتد الاختيار. وقف يفكر زمانا. أيقف؟ أيعود؟ لا. بل لابد أن يسير. اختار إحداهما و سار فيه. أيهما اختار؟ لا يدري. ولا أنا أدري. لكنه سار. ظلّ يسير و يسير في الطريق الذي اختاره الذي لا يعلمه. لم يعد وحيدا فكلما كان يسير كان يرى آخرين.

بشر كثيرون حوله. وجوه مختلفه. لا يعرف أحد ولا يعرفه أحد. لا أحد ينظر إليه. لا أحد. حتى شعر أنه لا شيء. حاول أن يستوقف أحدهم ليسأله: أين أنا؟ لم يجبه. بل لم يقف. كأنه لم يسمعه. حاول مع آخر و آخر لكن لا يعيره شخص أدنى اهتمام. حقا. هو كلا شيء...هناك.. هناك شيخ طاعنٌ في السن ينظر إليه. أسرع إليه و سأله : أخبرني أين أنا؟ ماذا يفعل هؤلاء؟ نظر إليه الشيخ برهه ثم قال: لا أعلم يا ولدي. لا أعلم.

 لكن ما هذا؟! .. هوذا طريقه قد أصبح أيضا اثنين! .. لا بل أربعة لا لا بل مائة بل آلاف. كيف يكون هذا! أيهم يسلك و أيهم يختار لا يدري لا يدري سار في طريق ما لا يعلمه. وسط الزحام كان يشق طريقه. يجذبه أحد فيختل توازنه و يدفعه آخر فيسقط. بدأ الناس يجرون و يهرعون. صوت رياح شديدة أخذ يصم الأذان. بروق و رعود. أمواج عاتية لا تبصر و لا ترحم. كادت الرياح تقصف به لولا تمسكه بجسم ما. لا يدري ما هو. لم يعد يسمع صوت البكاء و العويل من شدة الرياح. أغمض عينيه و قد تملكه الذعر و الهلع... هكذا كان و هكذا بقي. ثم فتح عينيه و قد هدأت الرياح. كم مضى من الوقت؟ لا يدري.. ولا أنا أدري. أجال نظره حوله. قد عاد وحيدا. نعم قد عاد وحيدا كما كان منذ زمان. لكن الآن كل ما حوله دمار و خراب.

تذكر أيام صباه حين كان يسير وحيدا هادئا سعيدا. ألقى بنفسه على جانب الطريق. وضع رأسه بين ركبتيه و أخذ يبكي و يبكي.