السبت، 22 سبتمبر 2012

المرأة الزانية


فجأة, وبدون أي إنذار, كـُـسر باب الغرفة وبعد لحظات كانت الغرفة ممتلئة ببعض الرجال والصبية الذين جاءوا لمشاهدة الحدث. وفي غفلة ستر الرجل عورته وقفز من النافذة مسرعا لأنه كان شابا قويا وهرب ولم يتبعه أحد.

اجتمع الرجال حول المرأة دون أن ينبث أحدهم بكلمة وألبسوها وأقتادوها خارجا حيث كان ينتظرهم بعض الشيوخ الذين ارتسمت على وجوههم علامات الاحتقار والتقزز وألقوا بها أمامهم.

تكلم كبير الشيوخ ذو اللحية الكثيفة البيضاء والملابس الزاهية المزركشة, تكلم بصوت عالي جهوري أسكت جميع الهمهمات وقال:
-          كم لدينا من الشهود؟
ثم سأل ثانية بصوت أعلى:
-          أي عقاب تستوجب تلك الزانية؟
فعلت الأصوات من حوله وسُمع وسط الضجيج:
-          ترجم, ترجم, ترجم بالحجارة حتى الموت.
وبالفعل تناول بعض الصبية حجارة من على الأرض وبدأوا يقذفونها لكن كبير الشيوخ زجرهم بقوة أعادت الهدوء مرة أخرى للمكان. وبوجه ترى في تجاعيده أقصى درجات الصرامة والجد وبعينين يملئهما الشرر استدار كبير الشيوخ, فتبعه بقية الشيوخ ثم الرجال وأخيرا الصبية. وقد وضعوا المرأة على ملاءة حتى لا يتنجس أحدهم بلمسها وسحبوها معهم في وسط الموكب وساروا خلف كوكبة الشيوخ.

الموتُ للزانية .. إلى الجحيم أيتها العاهرة .. انزعوا الشر من وسطكم وأرسلوا تلك الفاجرة لجهنم مع الأبالسة.

تلك هي العبارات التي كانت تُسمع إذا ما مر الموكب بجوار أحد البيوت, بينما الأطفال يهيلون على المرأة التراب ويبصقون عليها ويسبونها بأقذع الألفاظ. كبر الموكب وعظم جدا حتى صار جمهور كثير وأخيرا وصل لأحد البيوت عند الطرف الآخر من المدينة. 

توقف كبير الشيوخ ورفع يده اليمنى دون أن ينظر للخلف في إشارة للجمهور ليصمت. انخفضت الأصوات شيئا فشيئا حتى ساد السكون.

تقدم الشيوخ ودخلوا البيت الذي كان مفتوح الباب, ثم تبعهم الرجال حاملين المرأة الزانية على الملاءة وتركوها في وسط البيت.

كان جالسا على الأرض في أحد الأركان رجل في أوائل الثلاثين من عمره, يرتدي جلباب أبيض بسيط يتحدث مع قليل من الرجال والنساء الذين جلسوا حوله. أفزعهم صوت الجمهور بالخارج ثم دخول كبير شيوخ المدينة وبعض الرجال حاملين تلك المرأة المتسخة ذات الثياب المهلهلة والمنظر القبيح والرائحة العفنة.

هز كبير الشيوخ رأسه وقال بكثير من الاستعلاء مخاطبا الرجل ذو الجلباب الأبيض بينما كانت المرأة الزانية ملقاة بينهم:
-          يا مُعَلـِّم (قالها بسخرية لأن هكذا كان يدعوه أتباعه) تلك المرأة أُمسكت في ذات الفعل.
ثم رفع يديه إلى السماء وقال بصوت زلزل جدران البيت وسُمعت أصداءه في آذان كل الجمهور الواقف في الخارج:
-          شرع الله يأمر أن تلك المرأة ترجم للموت.
ثم خفض يديه وصوته وأضاف بهدوء وبكلمات متقطعة:
-          فماذا .. تقول .. أنت؟


 أطرق الرجل الجالس عند الركن وأخد يكتب بأصبعه على الأرض لكن كلمات كبير الشيوخ ألقت الرعب في قلوب الجميع خاصة تلك المرأة الشابة الجالسة عن يمين المُعلم ..

كانت على قدر واسع من الإطلاع وعلى دراية بالكتب المقدسة .. كانت تعلم جيدا أن تلك المرأة حقا تستوجب الموت رجما بالحجارة حسب النصوص الإلهية .. لكن معرفتها وإيمانها بشرائع الله المقدسة تلك اصطدمت في داخلها بشريعة أخرى, شريعة مغروسة في أعماقها عميقة عميقة جدا, شريعة غير مكتوبة لكن ثقتها فيها غير متناهية .. شريعة فطرية إنسانية ترفض رفضا قاطعا أن تُقتل تلك المرأة.

أي عذاب هذا وأي نار تلك؟ صراع نفسي رهيب .. هل شريعة الله حقا توجب رجمها؟ّ! بلا رحمة ولا شفقة؟؟ كيف يعطنا الله شريعة مكتوبة على ورق تخالف تلك الشريعة المغروسة في القلب؟ هل أنا أحنَّ على تلك الخاطئة من الله؟

كانت تلك الأفكار تتصارع في داخلها واشتدت دقات قلبها حتى هُيء لها أن الجميع يسمعها وابتدأت ترتعش كل أطرافها ثم أتتها موجة أخرى من الأفكار.

لعل تلك النصوص المقدسة ليست مقدسة, وما هي إلا خدعة ألفّها الأجداد ثم سار عليه الأباء وليس هناك شريعة إلا شريعة القلب الداخلية .. أو من يدري؟ فلعل ذلك الرجل الجالس بجواري ليس إلا دجال يتلاعب بمشاعر البسطاء يريد أن يعصينا على شرائع الله المقدسة .. ولكن .. كيف وهو يدعو للحب والتسامح يكون كذاب؟! أوه يا إلهي.

كان العرق يتصبب من جبينها وارتجفت شفتاها من فرط الإضطراب لو يعد لها أن تتحكم في نفسها على الإطلاق ثم أطاحت برأسها أفكار غريبة.

لعل الشريعتان باطلتان, وتلك المرأة الزانية لم تخطيء بل فعلت الصواب وعين الصواب! .. أو لعل الشريعتان حق! شريعة الله مقدسة وشريعة القلب الفطرية .. فلماذا إذا شيوخ المدينة بتلك القسوة والغلظة يريدون قتل المرأة المسكينة .. لعل لها عذر! أو لعل راجميها أخطيء منها .. لكن مَن يقف لهم ومَن يواجههم بأخطائهم ليتضعوا .. من يقدر أن يقف أمام كبير الشيوخ بكل رهبوته ويحاججه رغم جبروته؟!

قطع أفكارها صوت كبير الشيوخ وقد استولى عليه الغضب والسخط وهو يصرخ:
-          ماذا تقول أنت؟ ماذا تقول أنت؟

هناك 3 تعليقات:

  1. ان الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده وضع حدودا لهم ليطهرهم بها وان كان في ظاهرها لنا العذاب والقسوة علما ان باب التوبة مفتوح لكل عاصي ومذنب ووعد التأبين العاملين للصالحات بالمغفرة وابدال سيئاتهم حسنات من عظم رحمته بعباده وحد الرجم على الزاني والزانية اذا توفرت الشروط من الشهود الصادقين وحلفان اليمين او الاعتراف الصريح من الفاعل وان يكون محصن اي متزوج اما الاعزب فحكمه الجلد وهنا تظهر وتتجلا رحمة الله بعباده بماختلاف حالاتهم الاجتماعية أسأل الله العظيم ان يثبتنا وإياكم على كلمة الحق وقول الحق .

    ردحذف
  2. ان الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده وضع حدودا لهم ليطهرهم بها وان كان في ظاهرها لنا العذاب والقسوة علما ان باب التوبة مفتوح لكل عاصي ومذنب ووعد التأبين العاملين للصالحات بالمغفرة وابدال سيئاتهم حسنات من عظم رحمته بعباده وحد الرجم على الزاني والزانية اذا توفرت الشروط من الشهود الصادقين وحلفان اليمين او الاعتراف الصريح من الفاعل وان يكون محصن اي متزوج اما الاعزب فحكمه الجلد وهنا تظهر وتتجلا رحمة الله بعباده بماختلاف حالاتهم الاجتماعية أسأل الله العظيم ان يثبتنا وإياكم على كلمة الحق وقول الحق .

    ردحذف
  3. ان الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده وضع حدودا لهم ليطهرهم بها وان كان في ظاهرها لنا العذاب والقسوة علما ان باب التوبة مفتوح لكل عاصي ومذنب ووعد التأبين العاملين للصالحات بالمغفرة وابدال سيئاتهم حسنات من عظم رحمته بعباده وحد الرجم على الزاني والزانية اذا توفرت الشروط من الشهود الصادقين وحلفان اليمين او الاعتراف الصريح من الفاعل وان يكون محصن اي متزوج اما الاعزب فحكمه الجلد وهنا تظهر وتتجلا رحمة الله بعباده بماختلاف حالاتهم الاجتماعية أسأل الله العظيم ان يثبتنا وإياكم على كلمة الحق وقول الحق .

    ردحذف