الاثنين، 9 مايو 2011

أنا لا أخاف الشيطان



كنت اعتقدُ أني لن أسرق أبداً, لن أنافق أحداً, لن أزني, لن أقتل!, لن ألحد و أنكر ربي أبداً و إن زالت السماء من فوقي و انقشعت الأرض من تحتي .. كنت أتعجب وأتسائل كيف يفعل مرءٌ مثل هذه الأعمال القبيحة؟ ظننتُ أن السارق طمّاع أما أنا فقنوع, المنافق جبان أما أنا فشجاع, أن الزاني داعر أما أنا فعفيف, أن القاتل مستحيل أن يكون بشراً, أن الملحد كافر أما أنا فلديّ من الإيمان ما يحصنني ويحميني من هذه كلها.
أصابتني صاعقة حين تفكّرت أن مَن أراه اليومَ سارقا كان أمسا طاهر اليد, مَن أراهُ اليومَ مُلحِدا كان أمسا مؤمنا بل أقوى مني إيمانا .. ماذا حدث إذاً؟!! وهل يمكن أن أنزلق كما انزلق هؤلاء؟

حسبتُ نفسي ساذجا لمّا ظننتُ أن مَن قتل جاره بسكين ليسرقه قد استلم جواباً مسجل بعلم الوصول يدعوه أن يقتل جاره و يسرقه و في آخر الجواب الإمضاء "شيطانٌ رجيم", بل الآن أنا واثقٌ أن من خرج بيده سلاح ناري وقتل العشرات في الشوارع لم يستلم بريدا إلكترونيا في الصباح يدعوه لفعل هذا بتوقيع "Regards, Lucifer!!"  .. ليس الشيطان بهذا الغباء.
نعم لستُ أعرف الشيطان معرفة شخصية لكني لا أتجنّى عليه, فإن كان بعض البشر مملوئون كذبا وغشا و خداعا و مكرا بما لا يُكال  فما بالك بالشيطان نفسه, - إذا اتفقنا أنه مصدر طاقة الشر في العالم - فأي مكر و أي خداع من الممكن أن يتمتع به الشيطان ذاته؟!

أتحدثُ الآن برأيي الشخصي, لم أكن أتوقع مثلا أن يوجد اثنان على وجه البسيطة يختلفان أن يجزما أن بن لادن إرهابي, لكن ياللعجب, ها هم كثيرون مدافعون عنه! , آلاف من المعجبين والمؤيدين, ناهيك عن ملايين المتعاطفين, كيف هذا؟! فإذا أردتُ اليوم أن أصير إرهابي ماذا عليَّ أن أفعل أكثر من أن أقتل الآلاف غدرا بدون ذنب ثم أفتخر بجريمتي حتى أنال هذا اللقب؟!!
تحدثتُ مع بعض مِن المعجبين به ووجدتُ عندهم اسباب تبدو في بعض الأحيان منطقية, بل أريد أن أخبرك أمرا, فأنا لدي أصدقاء ممن يعتقدون أن ما اسميه أنا زنى حقٌ شرعي لهم بل ضرورة للحياة! ولديهم أيضا أسباب تبدو مقنعة. حتى مَن ألحد إذا سمعت لأسبابه فسوف تبدو لك – تحت بعض الفرضيات – أنها منطقية.

فماذا إذاً! كيف ينتقل شخصٌ من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار و العكس؟! وماذا يضمن لي أني لن أقتل شخصا غدا متحججا ببعض الأسباب التي سوف تكون لي وقتها منطقية مقنعا نفسي أني على صواب؟ لا. لن أُجمِّد عقلي متمسكا بموقفي الراهن فلعلي الآن واقفا في مكانٍ خطأ.


يا صديقي من فضلك لا تلومني بل ساعدني ولو بنصيحة, لا تتهمني أني غرقان في بحر الشك الذي لا قرار له, فقط فسّر لي مثلا كيف يحرق إنسان كنيسة و يظُن أنه يقدم خدمة لله أو الوطن؟ كيف يقتل شخصٌ أبرياءً كثيرين ويعترف بهذا ثم يجد آلاف وآلاف يدافعون عنه؟!

أعلمُ أن الشيطان ملآن شرا وهو خدّاع للناس لكني لا أخشاهُ فإن جائني إبليس كما أتخيله و قال لي أقتل فلان أو احرق بيته سوف أرفض قطعا, بل أخشى البشر المخادعين الذين يتملّقون المشاعر و ينافقون نزعاتنا و عواطفنا. لا أهاب الذئاب الشرسة التي في الغابة بل أهاب الذئب الذي دخل المدينة في زي الحملان. لا أخاف الثعالب بل أخاف ثعلباً بَرَزَ في ثياب الواعظينَ فمشى في الأرض يهدي و يسُب الماكرينَ ويقول الحمد لله إله العالمينَ.

هناك تعليقان (2):

  1. Kinda you!! My big fear is from who wear angel customs.... well,now I guess we have extra enemies,,,

    ردحذف
  2. إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون، بغضوا الله الى خلقه بسوء صنيعهم و سوء كلامهم.. الشيخ محمد الغزالي

    ردحذف